الأرقام لا تكذب ولا تستطيع أن تضع المساحيق على الوجوه القبيحة، إنها كاشفة الزائف وصانعة المجد للمجتهد.. والأرقام هى التى فتح بها جوزيه أبواب عشرات الملايين من قلوب عشاق القلعة الحمراء.
لم يشهد تاريح الأهلى منذ تأسيسه فى العام ١٩٠٧ رجلاً بهذه القدرة على تخليق السعادة وتقديم الهدايا للكادحين من جماهير الأهلى، بلغت فى مجملها ١٩ هدية متنوعة المذاق والحجم والقيمة.
وعلى الرغم من الفراق المأساوى، ومشهد الخاتمة المفجع لعلاقة الأهلى بجوزيه، إذ انتهت بخسارة مذلة وخروجين مهينين من بطولتى أفريقيا، فإن المجد الذى صنعه جوزيه فى سنوات سابقة كان كافياً لكى تغفر له الجماهير وتظل تذكره باعتباره أفضل مدرب فى تاريخ الأهلى.
جدل كثير وهجوم متكرر على جوزيه، ورد فعل أحياناً طبيعى وأحياناً أخرى مبالغ فيه من جانبه.. ولكن الكثير من العباقرة هكذا، يهدأون أحيانا ويثورون فجأة.. إلا أن تاريخهم لا ينسى، وإنجازاتهم باقية مهما مر الزمن، وزد على ذلك الحب إن وجد بينهم وبين من يتعامل معهم..
ولأجل ذلك، نقدم صورة حيادية تماماً لإنجازات وبطولات وإحصائيات هذا المدرب القدير، نرصد إخفاقاته القليلة مع الأهلى- ونشاهد شريط الذكريات السعيدة كثيراً والحزينة أحياناً.. فقط لأن الكبار هم من يستحقون الوقوف عن محطتهم ولو لدقائق، نتعلم منهم ونستفيد، ندرس أسلوبهم لنتطور إلى الأفضل..
وجوزيه بالفعل كبير.. بل أسطورة! عندما أتى هذا الرجل إلى النادى الأهلى أول مرة، لم يكن هناك من يعرفه كثيراً، ولكنه دخل إلى قلوب الجميع- وبالأخص الأهلاوية- عندما تمكن من تقديم مباراة لا تنسى أمام «ريال مدريد»- بطل القرن الأوروبى- فى ٤ أغسطس ٢٠٠١ مع أول مباراة له قائدا للفريق، وفاز عليه وقتها بهدف صنداى ..
وبعدها تمكن من الفوز ببطولة أفريقيا كما أفردنا (٢٠٠١/٢٠٠٢)، بل وحقق أكبر نتيجة له فى التاريخ أمام غريمه التقليدى «الزمالك» (٦/١) فى نفس الموسم المحلى وتمكن من التعادل مع الفريق الرائع وقتها «الإسماعيلى» فى واحدة من أروع لقاءات الدورى المصرى عبر التاريخ (٤ / ٤)، إلا أن سوء حظ بالغ واجهه ليخسر الدورى فى ذلك الموسم لصالح «الإسماعيلى».. ويرحل جوزيه!
هبط أداء الأهلى كثيرا طوال المواسم التالية، ولم يكن هناك مفر من عودة الساحر البرتغالى مرة أخرى إلى القلعة الحمراء فى «ديسمبر ٢٠٠٣».. ليبدأ فى تحقيق أسطورته التدريبية ويقود الاهلى طوال ٥ سنوات من البطولات والأرقام القياسية الفريدة على كل المستويات، المحلية والافريقية.. بل العالمية، ليصبح أفضل مدرب أجنبى أتى الى مصر، ويتعلق به جمهور الاهلى كما لم يتعلق بمدرب قبله..
وحتى مع خسارته الأخيرة بالبطولة الكونفيدرالية الأفريقية أمام «سانتوس» الأنجولى، إلا أن هذا لا يعنى أبدا طمس كل التاريخ والإنجازات الرائعة التى حققها، فدوما لا يوجد فريق يفوز إلى ما لا نهاية !!! ..
وها هو يرحل بعد أن ترك تاريخاً رائعاً وبصمة سيعترف بها القاصى والدانى قريبا، لأنها لم تكن لصالح «الاهلى» وحده بل للكرة المصرية كلها!